أحمد المهدي
هو شاب تحدى إعاقته لم يجلس في البيت وينتظر من يعوله ولد في أسرة فقيرة ولكنها تعيش سعادة بالغة لم تخش يوماً من الغد راضية بقضاء الله وقدره لم ينتظر هذا الشاب أن يقدم له أحداً يد العون بل قام وسارع بالعمل وبيع “البالونات” على كورنيش المنيا.
وبينما هو يعمل تجلس امه أمام مسجد “الفولي” كي تجهز له “البالونات” هو شاب مريض بعجز شبه كلي ولا أبالغ إذا قلت أفضل من شباب كثر استوقفنى وأنا جالس مع أحد أصدقائي على كورنيش المنيا كي نخرج من جو كبت العمل ونستمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة فوجئت به يأتي إليّ مسرعاً ويعرض علي أن أشتري منه “بالونة” ولكن بلغة الإشارة لأنه عجزه يؤثر على نطقه ايضا وبعد ان رآيت حالته تلك أخرجت له مبلغا من المال وأعطيته اياه دون ان اخذ منه شيئا “فرفض بكبرياء شديد ان يأخذ المال ومشى حاولت معه مراراً وتكراراً إلا أنه ظل رافضا .
شعرت أن غضبا شديداً بدأ يكسو ملامح وجهه فقلت له على الفور أعطني “بالونة “واحدة وخذ الأموال فرفض أيضاً وقال لي عبر الأشارة “لو عاوزنى اخد الفلوس دى يبقى تاخد كل البالونات”
هنا بدت علامات الفرحة ترتسم على وجهه وبدأ يحاورني بصعوبة بالغة عن طريق الإشارة ويقول لي “أنا أعرق من أجل لقمة عيش وحتى لا أكون محتاجاً لأحد إلا الله وأنا أعمل في بيع “البالونات” منذ مايقرب من عامين تقريباً على كورنيش المنيا “
وبعدها وجدته يحاول المشي مسرعاً وتابعته من بعيد حتى وجدته يذهب إلى أمه والتي ذكرت موقعها سلفاً من أجل أن يأخذ منها “البالونات” الأخرى لكي يبيعها في جولة أخرى على الكورنيش “عبدو” تعشقه الأطفال لأنه عادة ما يساهم في رسم البسمة على وجوههم .
وبعدما إنصرف جلست أضرب كفاً بكف وأقول في قرارة نفسي “أيوجد حتى الأن أناس لهم مبادئ وأخلاق ” وما لبثتُ أن أقول ذلك حتى إجهشت عيني بالبكاء فرحا بهذا الشاب الذي يعمل وتذكرت كثيراً من الشباب الذين يجلسون فى بيوتهم فى انتظار من يعولهم .
وما يثير دهشتى من أين لهذا الشاب بكل هذا الحياء وكل هذا الاصرار على الكد والتعب من اجل طلب الرزق انه نموذج فخرا يستدعى بحثا فيما وراء العجز الكلى من حكايات وابطال لم تستسلم يوما ولم تطلب يد العون الا من الله .. نصيحة لشباب اليوم سيروا فى طلب الرزق سترزقون حتماً.